27 سبتمبر 2009

إيران والغرب، تصعيد جديد

إن الوضع مع إيران يتغير ويتفاقم ويزداد تعقيداً على مرأى ومسمع منا. وقد حدث أن تشابكت الأحداث في الأيام
القليلة الماضية، ومن ثم يجب إعادة تقييم الموقف وفقًا لذلك.
أولاً، أعلن رئيس الولايات المتحدة باراك أوباما إلغاء خطط الإدارة السابقة لإنشاء نظام دفاع صاروخي في أوروبا
الشرقية بالتعاون مع بولندا وجمهورية التشيك. وفي الوقت نفسه، يبدو أن روسيا قد غيرت موقفها تجاه إيران، كما
يمكن استخلاصه من بيان الرئيس ديمتري ميدفيديف الذي أدلى به أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة. ويبدو أن
روسيا تؤيد الآن فرض عقوبات على إيران، على الرغم من أن ميدفيديف قد صرح بأن العقوبات نادراً ما تحقق
أهدافها المرجوة.
ونظرًا لأن هذين الحدثين يمثلان تحولات في سياسة هاتين الإدارتين، فمن السهل أن نتصور أنهما جزء من صفقة
تم التوصل إليها بين الرئيسين.
وفيما يتعلق بإيران، يبدو أن أي آمال في أن تكون الحكومة قد تراجعت ولو قليلاً في أساليبها بسبب الاضطرابات
والأزمة المستمرة الناجمة عن الجدل الانتخابي قد تبخرت بسبب التصريحات الأخيرة التي جددت الخطاب الإيراني
المُعادي لإسرائيل والغرب.
وفي الآونة الأخيرة، صرح الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد بأن إيران ليست عدواً، بل أتاحت فرصة للولايات
المتحدة. وبعد فترة ليست بالطويلة، استغل مناسبة يوم القدس للتشكيك مرة أخرى في المحرقة في حين امتلأت
شوارع طهران بمتظاهرين معارضين يطعنون في شرعية الحكومة.
إن أية أمال كان المجتمع الدولي يُحدث نفسه بها بأن ما يرجوه من أن الانقسامات الداخلية الإيرانية قد تؤدي إلى
إحداث تنازلات في الموقف الإيراني كانت أحلام يقظة منذ البداية، لكن الأحداث الأخيرة تثبت بالتأكيد أن إيران لن
تتراجع عن موقفها وأن هذه الأعمال لا تبشر بالخير لمستقبلها.
بالإضافة إلى ذلك، يذكر أحدث تصريح أدلى به مدير البرنامج النووي الإيراني أن البلاد أضافت أجهزة طرد
مركزي جديدة حتى تتمكن من تعزيز قدرتها على تخصيب اليورانيوم. وعلى الرغم من الحقيقة القائلة بأن إيران
كشفت عن مفاعل جديد في قم ــوفقاً لما تفتضيه لوائح الوكالة الدولية للطاقة الذريةــ، إلا إن المجتمع الدولي لا
يحظى بالثقة الكاملة حيال ذلك. ويبدو إذن أن المشكلة التي تواجهها إيران الآن ليست مسألة لوائح وشفافية، بل تتمثل
في قلق المجتمع الدولي من قدراتها النووية.

قام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بزيارة إلى موسكو مؤخراً، وبذلت تل أبيب كل ما في وسعها لإبقاء
الأمر سراً. في البداية، قيل إن نتنياهو كان يزور مواقع دفاعية سرية في إسرائيل، ولكن سرعان ما اتضح أنه سافر
إلى موسكو. وتكهن المحللون الآن بأن جولة نتنياهو تهدف إلى تناول موضوع شحنات الصواريخ المشتبه فيها
المُرسلة من روسيا إلى إيران، على أن يكون الحوار بشكل هادئ ولكن بشكل مباشر.
وإذا كان الأمر كذلك، فإن هذا يلقي بتساؤلات جديدة على تصرفات كلٍ من أوباما وميدفيديف الأخيرة؛ وربما يكون
تدخل إسرائيل قد ضبط روسيا متلبسة بصفقات أسلحة غير مشروعة تذهب مباشرة إلى إيران. وبغض النظر عن
ذلك، من الواضح أن الحكومة الإسرائيلية تستخدم كل ما تمتلكه من القوة الدبلوماسية للتأثير على المجتمع الدولي
للالتزام باتخاذ إجراءات أكثر صرامة ضد إيران.
ومن المرجح أن يكون تغيير اللهجة من جانب روسيا راجعاً جزئياً إلى الضغوط الإسرائيلية. ويمثل هذا التغيير
تحولاً هائلاً في ميزان القوة، الذي يميل الآن ضد كفة إيران.
كل هذه الأمور تحدث عشية اجتماع بين إيران والدول الخمس الدائمة العضوية في الأمم المتحدة وألمانيا، والذي
سيعقد في أوائل الأسبوع المقبل. وعلى الرغم من مبادرات المصالحة التي قدمها أوباما، تواصل القيادة الإيرانية
السير على طريق المواجهة.
وإذا واصلت الولايات المتحدة وروسيا تحركهما نحو نزع السلاح، فإن ذلك سيزيد الضغط على إيران للالتزام
بتصريحاتها الداعية إلى التطبيق الشامل لمعاهدة عدم الانتشار. ومن المرجح أن يؤدي هذا الضغط المتزايد والمنسق
إلى زيادة غضب إيران، حيث أثبت التاريخ أن أحمدي نجاد لا يحب الشعور بأنه يتم تجاهله.
وسيؤدي هذا التصعيد إلى فرض عقوبات جديدة من مجلس الأمن، على الأرجح في شكل عقوبات نفطية ومالية.
وعلى الرغم من أن الخيارات الدبلوماسية ستظل متاحة أمام إيران، إلا أن العقوبات المقبلة تمثل الخطوة الأولى في
نهج دولي أوسع وأقسى تجاه إيران. وإذا رأت إدارة أحمدي نجاد دولاً كانت محايدة أو حليفة له ذات يوم تتحول
وتغيير من موقفها وتنضم إلى الكفة التي ترجح ممارسة الضغط ضد إيران، فمن المرجح أن يرد بطريقة عدائية،
وهذا ما لا يتحمله الموقف على الإطلاق.
جوردان تايمز، 28 سبتمبر 2009

إيران Leave a comment