13 يناير 2010

الأزمة الإيرانية التي لا نهاية لها

أثارت إعادة انتخاب الرئيس محمود أحمدي نجاد جدلاً واسعًا داخل إيران وخارجها. وكان التيار الإصلاحي بزعامة مير حسين موسوي ومهدي كروبي قد أعلنا أن الانتخابات قد تم التلاعب بها وأنها غير حيادية وأن القوى المحافظة قد تدخلت في العملية الانتخابية لضمان فوز أحمدي نجاد. وفتحت هذه الادعاءات الأبواب لانتقاد العملية الانتخابية برمتها، كما شجعت مؤيدي المرشحين الإصلاحيين على تنظيم المسيرات في الشوارع للمطالبة بإعادة الانتخابات. وقد ضغطت ردود فعل القوى الإصلاحية على الحكومة وأدت إلى إعادة فرز بعض الأصوات في بعض الدوائر الانتخابية المحددة. ولم تحظي هذه الخطوة برضا القادة الإصلاحيين ومؤيديهم، ونتيجة لذلك، واصلوا تنظيم المسيرات في شوارع طهران ومدن أخرى، ما أسفر عن قيام القوات الأمنية بشن حملات قمعية ضد هذه المسيرات والاحتجاجات، الأمر الذي يقطع بأن الحكومة لديها نية لوضع حد للنشاط السياسي الإصلاحي.

وقد انتقد الزعماء الدينيون رد فعل الحكومة الذين اعتبروه مفرطاً جداً في استخدام القوة. حتى أن بعض من القوى المحافظة أبدت نفس الانتقادات. كما انتقدت هذه الأصوات المحافظة تشكيل أحمدي نجاد للحكومة الجديدة، لا سيما تعيين “إسفنديار” نائباً للرئيس وتعيين ثلاث نساء لشغل مناصب وزارية في مجالات التعليم والصحة والتنمية الاجتماعية. وقد سلط هذا الانتقاد الضوء على الانقسامات القائمة بين المحافظين، والتي نشأت منذ تولي أحمدي نجاد مقاليد السلطة.

وقد رصدت الحكومات في جميع أنحاء العالم الإجراءات القمعية التي أعقبت الانتخابات. وقد اتهمت إيران بالفعل هذه الحكومات، وخاصة السلطات الغربية، بالتورط مع الإصلاحيين لتقويض النظام السياسي الإيراني. وعلى الرغم من القلق بشأن الوضع السياسي الداخلي، فإن المسألة الأهم والتي تشغل الحكومات الغربية تتمثل في الوقوف على مدى تأثير السياسة الداخلية الإيرانية على برنامجها النووي وسياساتها الإقليمية.

وقد وجهت إيران رسالة إيجابية إلى المجتمع الدولي في شهر سبتمبر من عام 2009 تضمنت مساهمة إيران في الأمن الإقليمي وأمن الطاقة. وقد قدمت إيران هذا الاقتراح في شهر مايو من عام 2008، ولم تولي مجموعة 5 + 1 الدول الخمس الأعضاء الدائمة العضوية في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بالإضافة إلى ألمانيا هذا الاقتراح أية اهتمام. وفي شهر أكتوبر من عام 2009، وبعد اجتماع جنيف المنعقد بين إيران ومجموعة 5 + 1، قدم المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي اقتراحه بشأن “استخدام اليورانيوم الإيراني المنخفض التخصيب في تصنيع الوقود لمواصلة تشغيل مفاعل طهران للأبحاث، المخصص أساساً لإنتاج النظائر المشعة للأغراض الطبية”. كما اقترح على كلٍ من روسيا وفرنسا تقديم المساعدة والدعم في هذا الخصوص. وقد اعتبرت إيران هذا الاقتراح بمثابة بصيص أمل جديد لحل الأزمة الحالية بشأن برنامجها النووي. ومع ذلك، فإن الآمال العريضة للوكالة الدولية للطاقة الذرية والمجتمع الدولي لم تأخذ في الاعتبار الأزمة المستمرة داخل إيران وتأثيرها المحتمل على القضية النووية. وقد أدى البيان الذي أدلى به موسوي الذي اتهم أحمدي نجاد فيه بإعطاء وعود بما لا يمكن تحقيقه إلى إرجاع المسألة برمتها إلى نقطة الصفر. ونتيجة لذلك، فرضت الولايات المتحدة عقوبات جديدة على المنشآت الصناعية النفطية في إيران.

من الجدير بالذكر في هذا الإطار أن النفط والغاز الطبيعي يشكلان الجزء الأكبر من صادرات إيران إلى الدول الأجنبية ويعتبرا المصدر الرئيسي للدخل من العملات الأجنبية. ويهدف قانون IRPS إلى إثناء إيران عن التوسع في أعمال الحفر والنقل (بما في ذلك خطوط الأنابيب) وإضعاف قدرتها على التكرير من خلال استهداف هذا القطاع الحيوي؛ هذا فضلاً عن أنه يمنع تصدير الوقود المكرر إلى إيران. مع ذلك، فهو لا يشمل الصادرات من النفط الخام والغاز الطبيعي. ومن المتوقع أن يدخل مشروع القانون – إذا صدق عليه مجلس الشيوخ – حيز النفاذ بحلول شهر يناير من عام 2010.

وتستورد إيران حوالي 94 ألف برميل يوميًا من النفط المكرر، وحوالي 40 في المائة من إجمالي الاستهلاك، في حين يحظر على الهيئات أو الأفراد الخاضعين للعقوبات تداول العملات الأجنبية وإجراء المعاملات المصرفية مع الشركات والبنوك الأمريكية، وكذلك إجراء الاتصالات مع جهات الاتصال الحكومية في الولايات المتحدة. ومن غير المرجح أن يكون هذا الإجراء الذي تقوم به الولايات المتحدة هو الإجراء العقابي الاخير. وتعتزم مجموعة 5 + 1 تقديم اقتراح بإصدار قرار جديد ينتظر موافقة عليه مجلس الأمن في حال أصرت إيران على موقفها فيما يتعلق بتخصيب اليورانيوم.

كما أنه من غير المحتمل أن يتم التوصل إلى حل للمعضلة السياسية الداخلية في إيران قريباً. وبناءً على ذلك، يبدو أن الأزمة مع المجتمع الدولي بشأن الطموح النووي الإيراني ستظل مستمرة في عام 2010. ويستند هذا التنبؤ إلى حقيقة أن الأزمة النووية ما تزال قائمة بين إيران ومجموعة 5 + 1. وقد يؤدي أي تدخل من جانب إسرائيل إلى تصعيد حقيقي أو مواجهة عسكرية.

 

جريدة الأهرام الأسبوعية، العدد رقم 978، بتاريخ 24 – 30 ديسمبر 2009.

إيران Leave a comment